Tuesday, May 29, 2007



يتراجع الصيف

تهب نسمات الخريف العذبة

رعشة الوعي بصغر الكيان

و عذوبة الرهبة

لم تعد ا لشمس كما كانت متبجحة

غطت صدرها العاري

كفت أشعتها الفاضحة

عن كشف أعماق خجلي

المستتر بسنوات عمري القليلة

صارت اليوم ودودة محتشمة

أستطيع أن أنظر إليها لحظة أطول

العودة للمدرسة

رائحة بري القلم الرصاص

متوسط السعر

و شطيرة لم تؤكل طازجة

امتزجت بها رائحة الألوان الخشبية

ورائحة الارتباك

والهوية التي تصنعها العلامات

ورغبة في الصحبة

وميل فطري للشجن

ورفض الأقران

و محدودية الألوان

في صورة "عودة الرئيس إلى أرض الوطن."

الممحاة ذات الرائحة الجميلة

حلم صغير لا يؤلم

يداعب الأيام الرتيبة

يستحلف الشمس الرطيبة

أن يمر النهار ولا تظلم

علبة أدوات الهندسة المعدنية

لا تتنازل في أبعادها

صامدة بين الكتب المدرسية

كحلم القوة

واستقامة الأركان

وسط الزحام

وليّ الأمر

الجاهل بالأمر

يفيض قلبه حباً

في مكان بعيد

في الليل الشتوي القارص

وفي دفء منزلي مصطنع

رداء النوم القطني

يستر الجسد بإحكام

ويكشف عورة الوحدة

طريق المدرسة الترابيّ

ودقائق الفسحة

فرصة لأسئلة الوجود الوقحة

لم تستح أن تغتصب عقلاً صغيراً

وتعريّ أمام عينيه الواسعتين فجأة

كل أعضاء الحيرة الفجة

نساءُ

احترفن الانتهار

تم تطعيمهن في الطفولة

ضد جرثومة الرحمة

واقتطعت منهن مع الختان

بنصل الأيام والأحجار

مساحات من الحنان

على الجدران العتيقة

تكثفت أحلام الأطفال

تتضاءل طفولتهم كل يوم

أمام بواب المدرسة العجوز

والباب الحديدي الأسود

ليست لديه استثناءات

أغلق الباب...

بدأ الطابور...

بين من هم في الداخل

وبينك هوة هائلة

دونها العمر

ومأساة الإنسان

ولا نشاطركم الأحزان

جذوة اللذة المختبئة

بين ثنايا ثوب النوم القطني

حق مشروع

في مضاجعة الذنب كل ليلة

والسماء في الصباح

لم تزل زرقاء

والسحب غسلتها الأمطار

في المدينة القروية الباردة

ناصعة البياض

فوق بيوت متشحة بالسواد

حتى الغيوم

في تلك المدينة القروية

لم تكن تعرف أن تنوء

سوى بذلك الذنب الطفلي البريء

في شتاها الممطر أحلاماً

لا تستهدف التحقيق

وسط كل هذا

بزغ نور

أرهق التصديق:

للحياة معنى

ولك يدان

وقلبك العجوز الطفل

قد تنبت فيه الآن

بين أشواك الشك

وصحاري من سأم المكان

بذرة الأيمان

احتفل المكان

أخرج الظلام من خزانته

علبة الألوان

كثيرة الألوان

ظلال البيوت صارت لها جدارن

رائحة النجيل

في الجزيرة الوسطى

للشارع الوحيد الواسع

في المدينة القروية

صارت عنواناً للفرحة

أشهرت الغيوم

إيمانها بالشمس

صاهر الكون بعضه

تلامست أعضاء الجسم

بلا ذنب

بعد سنوات

من مفاوضات وتنازلات

تولّد برعم من إبط زهرة ميتة

قال لنذهب

عار ألا ننادي به

و هو الذي

صالح سحب مدينتي البيضاء

بطينها الوديع

و خفياتي الشتوية

بظهور الربيع

أوسم وصفي

أكتوبر 2004

5 comments:

Mariam Safwat said...

يتراجع الصيف, جميلة أوي و لطيفة جدا, أثارت مشاعري و ألهبتها و رجعتني لمريم الطفلة في المدرسة الأبتدائي, و فكرتني بمشاعر الطفلة ,وحشتني الأيام دي أوي بالرغم من شعوري بالوحدة

Marian said...
This comment has been removed by the author.
Marian said...
This comment has been removed by the author.
Marian said...

الكلمات دي حزنت وفرحت معاها
بتمني يكون الصلح ده موجود وسط كل تناقضات الخريف

راما said...

كانت أيام أتذكر منها حلم الحرية حلم التحليق خارج الاسوار
حلم السفر خارج عدم الوعي الذي يفترضه الكبار كنت دائما افهم واعي اني لست طفلة كنت افهم كل ما يدور حولي واتظاهر بالطفولة كنت اسمع كل الحوارات والاحاديث التي تدور بين الكبار وافكر واحلل وارفض واتمرد كنت في الثانية عشر من عمري أطالب أبي بحرية التعبير والفكر واقول له من حقي كإنسان آن آعبر عن نفسي وفقاً لقوانين حقوق الانسان وكان الرجل المسكين لا يعرف ماذا يقول فتنتهي المواجهة بعلقة سخنة ولكني لا أتوقف عن التفكير والتعبير والتمرد على الواقع والفكر الذي لا أستسيغه منذ زمن طويل لم آستطع يوما آن ابتلع القهر
كانت أيام مليئة بالتحديات والثورات المكبوتة والاحلام البريئة والجريئة التي علمتني أن أحترم الأطفال وأقدر حرياتهم وادراكهم ومشاعرهم ...